Instagram

Twitter

Search
 

التوفيق كوسيلة بديلة لحل وفض المنازعات

مكتب الدكتورة منى المرزوقي للمحاماة > مقالات قانونية  > التوفيق كوسيلة بديلة لحل وفض المنازعات

التوفيق كوسيلة بديلة لحل وفض المنازعات

بسم الله الرحمن الرحيم

الأصل أنَّ اللجوء للقضاء هو حق مقررٌ لجميع أفراد المجتمع؛ فهو الطريق الطبيعي لإقتضاء الحقوق، وحسم جميع المنازعات التي تنشأ بين الأطراف، وهو إجبار الأشخاص (الطبعيين أو الاعتباريين) على المثول أمام المحكمة بأمر قاضيها، وعند صدور الحكم؛ يجيئ التنفيذ بواسطة السلطات العامة جبراً عند الاقتضاء، لأن القضاء من مظاهر سيادة الدولة، لذلك فهو صاحِب الحق الأصيل للفصل في جميع القضايا التي تُعرض عليه دون تمييز، ولكن عند اللجوء إلى التحكيم فإنه لا يشمل جميع المواضيع ولا يكون حقاً مقرراً لجميع الناس؛ فهناك بعض المسائل أو القضايا التي لا يجوز فيها اللجوء إلى التحكيم، كالجرائم وكل ما يُخالف النظام العام ومانص القانون صراحةً على عدم جواز التحكيم والتوفيق فيه فلا يجوز تسوية النزاعات الناشئة عنها.

وقد دعت سرعة التطور الاقتصادي، والثورة المعلوماتية إلى ضرورة اللجوء للتوفيق لحسم النزاعات في أسرع وقت ممكن حفاظاً على الجهد والوقت وضماناً لإستمرارية التعاملات التجارية المحلية منها والدولية على نحو متسارع يضمن الحقوق ويراعى مواكبة التقدم وعصر السرعة.

التوفيق: وفقاً لقواعد التوفيق والتحكيم الصادرة عن مركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم السارية أحكامها في 1/5/2012م.

 تعريفه: هو أي عملية سواء أُشير إليها بلفظ التوفيق أو الوساطة أو أي لفظٍ آخر له نفس المدلول، يطلبُ فيها الأطراف من شخص آخر أو من أشخاص آخرين مساعدتهم في التوصل إلى تسوية ودية للنزاع.

الموفــق: هو شخص واحد أو هيئة مشكله من موفقَيّنْ أو أكثر.

الأطراف: هم أطراف النزاع سواء كانا أثنين أو أكثر.

تقديم طلب التوفيق:

يُودع الطرف الذي يعتزم البدء في إجراءات التوفيق طلباً بذلك لدى مركز قطر للتحكيم والتوفيق يُحدِّدُ فيه بإيجاز موضوع النزاع، ويقوم المركز بإرساله إلى الطرف الآخر خلال أُسبوع من تاريخ تقديم الطلب.

تبدأ إجراءات التوفيق في اليوم الذي يتسلم فيه المركز القبول الكتابي من الطرف الآخر بالمشاركة في إجراءات التوفيق.

إن لم يتلقَّ المركز رداً خلال أسبوعين من تاريخ إرسال الدعوة، أو خلال أية مدة أخرى مححدة فيها، أو إذا أعلن الطرف الآخر رفض الدعوة لن تكون هنالك إجراءات توفيق.

سير إجراءات التوفيق:

يجوز للموفق تسيير إجراءات التوفيق بالطريقة التي يراها مناسبة مع مراعاة الظروف المُحيطة لموضوع النزاع، ورغبات الأطراف، والحاجة إلي تسوية سريعة للنزاع.

وفي جميع الأحوال؛ يسترشد الموفق بمبادئ الموضوعية والإنصاف والعدل، ويعامل الأطراف على قدم المساواة، ويهيئ لكل طرف فرصة كاملة ومتكافئة لعرض النزاع.

ويجوز للموفق في أية مرحلة من مراحل التوفيق أن يتقدم بمقترحات لتسوية النزاع.

مدة التوفيق: 

يتوجّب على الموفِّق أن يبذل قصارى جهده للتوصل إلى تسوية النزاع خلال المدة المتفق عليها، وفي حالة عدم تحديد مدة معينة؛ ينفذ الموفِّقُ مهمته خلال مدةٍ أقصاها ثلاثة أشهر مالم يوافق الأطراف على تمديد المدة.

إنهاء إجراءات التوفيق:

تنتهي إجراءات التوفيق في أيٍّ من الحالات الآتية:

1/ في حالة توقيع الأطراف على اتفاقٍ للتسوية.

2/ في حالة إصدار الموفِّق -بعد التشاور مع جميع الأطراف- تصريحاً كتابياً يُبيّن فيه أنّه لا يوجد ما يسوغ بذل مزيدٍ من جهود التوفيق.

3/ في حال إصدار جميع الأطراف تصريحاً كتابياً موجهاً إلى المركز والموفق يفيد بإنهاء إجراءات التوفيق.

4/ في حال إصدار أحد الأطراف تصريحاً كتابياً موجهاً إلى المركز وهيئة التوفيق والأطراف الأُخرى يفيد بإنهاء إجراءات التوفيق.

التوفيق والوساطة:

إنَّ الوساطة أو التوفيق يعنيان أن يقوم الفرد أو الأفراد بالتوسط والتوفيق بين الأطراف المتنازعة بناءً على طلب هذه الأطراف عن طريق تقديم إقتراح أو عرض ما لتسوية وحل ما بينهم من خلاف، مع ترك الحُرية للأطراف بقبوله أو رفضه، لذلك فإنَّ الوسيط أو الموفِق ليس من المهم أن يكون تدخله بناءً على رغبة واتفاق الأطراف فمن الممكن أن يكون تدخله من تلقاء نفسه؛ إذ يقتصر دوره على تقديم توصيةٍ غير ضرورية أو ملزمة للأطراف، ويقتصر دور الوسيط على تقديم المساعدة والحلول وتقريب وجهات النظر بين الأشخاص للوصول إلى الحل.

الفرق بين التوفيق والتحكيم:

يقوم التوفيق بتقريب وجهات النظر بين الأطراف من أجل الوصول إلى اتفاقٍ ودي بين المتنازعين ويحق للموفِّق إبداء المقترحات الكفيلة للوصول إلى حلٍّ يُرضي الأطراف، ويتم اختيار الموفقين أو الموفق بإرادة وموافقة الأطراف أو بواسطة جهة تحكيمية أو قضائية، لكن القرار الذي يصدره المُوَفِقْ غير ملزم ولا نهائي إلا برضا وموافقة الأطراف على عكس قرار التحكيم الذي يكون نهائياً وملزماً للأطراف، إلا في حال إلغائه عن طريق الطعن بالبطلان الذي يُقدم للمحكمة المختصة.

والجدير بالذكر أنه لا يجوز للمُوَفِقْ القيام بدور المُحَكِم في نزاع خضع لإجراءات التوفيق، أو في نزاع آخر قد نشأ عن العقد ذاته، أو عن العلاقة القانونية عن أي عقد، أو علاقة قانونية ذات صلةٍ به مالم يتفق الأطراف على خلافِ ذلك.

الكاتب: الأستاذ مهند بابكر\ مستشار قانوني أول

No Comments

Leave a Comment